التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
من بين المعارك التي يذخر بها التاريخ الإسلامي معركة ساحة الدم التي أُبيد فيها الجيش الصليبي بكامله على يد المسلمين.
التاريخ الإسلامي يحمل بين طياته العديد المعارك على مر العصور، منها ما ذكر ومنها ما لم يذكر، ومنها ما نعرفه ومنها ما نجهله، ومن هذه المعارك ما كان سببًا في قيام الأمة وتحضرها ومنها ما كان سببًا في تراجعها وتخلفها، ومن بين هذه المعارك التي يذخر بها التاريخ الإسلامي وبالتحديد في الحقبة المعروفة تاريخيًا بالحروب الصليبية كانت معركة البلاط وتسمى في بعض المصادر بموقعة تل عفرين، وأطلق الصليبيون عليها اسم معركة ساحة الدم أو سهل الدماء لكثرة قتلاهم فيها.
أسباب المعركة
بعد الحملة الصليبية الأولى على المشرق العربي الإسلامي (490- 493هـ= 1096- 1099م) وما نتج عنها من استيلاء الصليبيين على إمارات الرها وأنطاكية وبيت المقدس وطرابلس من بلاد الشام، لاحظ روجر الذي كان يتزعم إمارة أنطاكية أن مدينة حلب تمر بفترة ضعف شديدة، ومن ثَمَّ قرر أن يغزو المدينة ويضمها لحسابه.
أحداث المعركة
وصلت أخبار هذا التحرك الصليبي إلى الأمير إيلغازي أمير حلب، فقرر أن يجمع المجاهدين من هنا وهناك ليدافع عن مدينة حلب، واستطاع إيلغازي أن يكوَّن جيشًا قويًّا قوامه عشرين ألف، وذكر أنه يزيد عن أربعين ألفًا، وساعده في تكوين ذلك الجيش طغتكين أمير دمشق، وسلطان بن منقذ أمير شيزر، وسار الجيش الإسلامي بقيادة إيلغازي في اتجاه أنطاكية، واستطاع مباغتة الجيش الصليبي الذي كان عدده خمسة آلاف جندي بقيادة روجر أمير أنطاكية، وكان روجر قد أرسل رسالة استنجاد إلى بلدوين الثاني ملك بيت المقدس، إلا أنَّ المباغتة الإسلامية سبقت وصول الإمدادات الصليبية.
وفي شهر ربيع الأول سنة 513هـ الموافق 28 من يونيو 1119م بدأت الموقعة الشرسة بين الطرفين، وارتفعت السيوف ومعها صهيل الخيول وانهالت سهام المسلمين الكثيفة على الصليبيين من كل مكان حتى أُبيد الجيش الصليبي بكامله وقُتل قائده الأمير روجر الأنطاكي، ولكثرة ما أريق من دم وقتلى في هذه المعركة من الجيش الصليبي سميت بمعركة ساحة الدم.
نتائج المعركة
لقد كان هذا الانتصار انتصارًا مجيدًا بكل المقاييس، أدى إلى كثير من النتائج المهمة في هذه الفترة، منها: أعادت الهيبة للمسلمين، وشعر المسلمون أن الأمل ما زال باقيًا في إعادة التوازن للأمة الإسلامية، كما أنَّ الصليبيون هُزموا هزيمة نفسية كبيرة أثَّرت في حركتهم لعدة سنوات، وعلا نجم إيلغازي بن أرتق في ساحة الجهاد ضد الصليبيين، وجاءته التشريفات من الخليفة العباسي الجديد المسترشد بالله، وعلَّق كثيرٌ من المسلمين الآمال عليه؛ وهذا دفعه إلى تجديد الصدام مع الصليبيين في عدة مواقع بعد ذلك، كان له النصر في بعضها والهزيمة في أخرى[1].
[1] ابن العديم: زبدة الحلب في تاريخ حلب، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ= 1996م، ص269- 272، وكامِل الغَزِّي: نهر الذهب في تاريخ حلب، دار القلم، حلب، الطبعة الثانية، 1419هـ، 3/ 74، 75، وراغب السرجاني: قصة الحروب الصليبية، شركة أقلام للنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الأولى، 1434هـ= 2013م، ص304- 306.
التعليقات
إرسال تعليقك